استقبلت جامعة القاهرة أمس السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي شهد وسط أبناءه فعاليات المؤتمر الوطني السادس للشباب على مدار يومين، وكالعادة يرسل إلينا سيادة الرئيس رسائل خفية بين السطور، فاختيار جامعة القاهرة لاستقبال المؤتمر رسالة من الرئيس للفت الانتباه بالتعليم المصري وترويجه إقليميًا ودوليًا.
فالمقربون من سيادة الرئيس يعلمون جيدًا تقديره للتعليم وجهوده من أجل إعادة التعليم المصري لمكانته وإعادة القاهرة عاصمة للتنوير ونشر الثقافة في كافة أرجاء العالم، وهو ما يعكسه مدى اهتمامه بجامعة القاهرة العريقة التي تعد من أقدم جامعات المنطقة، وحرصه على زيارتها مرتين في أقل من أربع سنوات، للتأكيد على أهمية التعليم ودوره في بناء الشعوب وتقدمها.
وشهدت مخرجات اليوم الأول من المؤتمر عرض الحكومة لخططها بشأن، تحسين جودة النظام التعليمي ورفع كفاءة تنافسية مخرجاته، وتطوير منظومة وسياسات البحث العلمي، بالإضافة إلى ترسيخ الهوية الثقافية والحضارية ودعم منظومة القيم، وتحدث السيد رئيس الوزراء عن الانجازات التي حققتها مصر في مجال التعليم في الأربع سنوات الماضية، حيث تم الانتهاء من تنفيذ 39.5 ألف فصل، و بناء 45 مدرسة يابانية، وتدريب 1.1 مليون معلم وإداري، بالإضافة إلى محو أمية 2.5 مليون مواطن، بالإضافة إلى انشاء 73 كلية حكومية، و 8 جامعات خاصة، وبلغ اجمالي عدد الابحاث المنشورة دولياً للمصريين 18.9 الف بحث.
ووفقًا لخطة الحكومة المعلنة أمس بالمؤتمر فإن المستهدف خلال السنوات الأربع سنوات القادمة، هو إنشاء 8 جامعات تكنولوجية حديثة، و 11 جامعة حكومية وأهلية دولية جديدة، و 100 كلية حكومية بحلول 2021/2022 ليصل إجمالي الكليات في مصر الى 576 كلية، إلى جانب تعزيز دور البحث العلمي بمبلغ 4.6 مليار جنيه، و920 مليون جنيه لتحسين جودة النظام البحثي والتكنولوجي، بالإضافة إلى الانتهاء من تنفيذ 200 ألف فصل بواقع 50 ألف فصل سنويًا بما يوفر 75% من حجم الاحتياج الكلي من الفصول المدرسية، إلى جانب الانتهاء من إنشاء 100 مدرسة يابانية بالإضافة إلى تطوير وتجهيز 112 مدرسة لتطبيق التجربة اليابانية، وإتاحة 500 ألف فرصة تدريبية من خلال برنامج “المعلمون أولاً”، كما أن الحكومة تستهدف محو أمية 8 ملايين مواطن.
في رأيي أن مخرجات اليوم الأول من المؤتمر تبعث التفاؤل وتعزز الثقة في القيادة السياسية وحسن إدارتها لكافة الملفات وخاصة ملف التعليم والثقافة، وبالحديث عن التعليم، أعتقد أن ما يقوم به الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وما يبذله من عمل دؤوب لتطوير التعليم، يأخذ بمصر إلى أفاق جديدة كليًا في مجال التعليم ويضعها ويقربها خطوة بخطوة من تحقيق الآمال المنشودة بالنهوض بالتعليم المصري وإعادة مصر إلى مكانتها التاريخية.
وبالحديث عن مؤتمرات الشباب أعتقد أنها تكسر كل ماكان سائد بشأن علاقة المواطنين بالقيادة السياسية في الماضي، وإعلان تدشين بداية عهد جديد تُفتح فيه أفاق المشاركة أمام كافة المواطنين بكافة أطيافهم وانتمائاتهم وتنوعهم ثقافيًا وجغرافيًا، وتبني جسر من جسور التواصل بينهم وبين القيادة السياسية، وتعبر عن احترام هذه القيادة للمواطن وإيمانها بتطلعاته وحقه في المشاركة في وضع الاستراتيجيات ومراقبة تنفيذها، وحقه في أن يكون له دور فاعل في تقييم هذه الاستراتيجيات والسياسات.
لم تشهد مصر إرادة سياسية حقيقية لتمكين الشباب كالتي تحدث في عهد الرئيس السيسي، فسيادة الرئيس يؤمن إيمانًا عميقًا بأن المستقبل مرهون بإعداد الشباب للقيادة، لكن الرئيس لا يرضى بأنصاف الحلول والجميع يعلم أنه إما أن يفعل الشيء بالطريقة المثلى أو لايفعله مطلقًا، فالآليات التي وضعت لتحقيق التمكين للشباب في عهد الرئيس السيسي كانت شديدة الدقة وتنم عن رؤية ثاقبة، فكانت البداية بالمؤتمرات التي تتيح للشباب المشاركة والتعبير عن أراءهم وتطلعاتهم حتى يتم التأكد من اكتسابهم الوعي والفهم الكافي للممارسة السياسية، ثم جاءت الخطوة الثانية بإنشاء الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب تحت إشراف العديد من الكوارد بالوزارات المختلفة وإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية، لتمارس عملها بالإشراف على تدريب وإشراك الشباب في العمل السياسي قبل إدماجهم في الهيئات والمؤسسات المختلفة للانخراط في العمل السياسي والإداري.
وإن كانت الدولة تسعى بكل قوة وتسخر طاقاتها لدمج الشباب،إلا أن إيمانها بأهمية المشاركة السياسية لا تقتصر على الشباب فحسب، فمبادرة إسأل الرئيس التي أطلقت مع بداية ولاية الرئيس الثانية تعكس مدى إيمان دولتنا الجديدة بأهمية المشاركة وكسر الحواجز بين المواطن والقيادة السياسية.
أعتقد أن التحولات الكبيرة التي حدثت في مصر في عهد الرئيس السيسي، التي تمثل إعادة صياغة للواقع المصري، رفعت سقف طموحات وتطلعات الشعب المصري إلى أفاق لا حدود لها، وستخطوا مصر من خلال هذا التناغم بين الشعب والقيادة السياسية خطوات واسعة نحو التقدم والإزدهار.
د.راندا رزق
أستاذ مساعد الإعلام التربوي بجامعة القاهرة
عضو المجلس الاستشاري الرئاسي لتنمية المجتمع
Leave a Reply